وضع المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية حدا للجدل الذي أثارته الولاية الثالثة لعبد الإله بنكيران، الأمين العام الحالي؛ وذلك بتصويت 126 عضوا ضد تعديل النظام الأساسي للحزب، في مقابل تصويت 101 صوت لصالح بقاء بنكيران أمينا عاما لولاية جديدة.
وفي مقابل خسارة عبد الإله بنكيران رهان قيادة “المصباح” لولاية ثالثة، إذ استطاع المعارضون له أن يكسبوا المعركة القانونية التي شهدتها دورة المجلس الوطني اليوم الأحد، يتجه حزب “المصباح” إلى دخول مرحلة جديدة يمكن أن تكون لها انعكاسات على مستقبله.
وفي الوقت الذي حاول العديد من قياديي الحزب أن يطمئنوا إلى أن الحزب لن يتأثر كثيرا برحيل “الزعيم”، سجل عبد الرحيم المنار اسليمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط، أن إغلاق المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية الباب أمام عبد الإله بنكيران للوصول إلى ولاية ثالثة يفتح الباب لأنواع من التحولات في حزب العدالة والتنمية ومستقبله السياسي، معتبرا أن أولها سيكولوجي، ويتمثل في أن التماهي بين نفسية بنكيران والحزب توقف.
وقال اسليمي، في تصريح لهسبريس، إن “الحزب ظل، طيلة تسع سنوات تقريبا، محكوما بشخصية الزعيم بنكيران واعتقاداته وطريقة تفكيره وتفسيره للإشارات والرسائل المتداولة في الحقل السياسي”، مبرزا أن “البيجيدي ارتبط بالشخصية الكاريزمية لبنكيران وظلت القواعد تردد ثقافة سياسية مبنية على افتراضات الزعيم بنكيران، إلى درجة التعامل معها كمسلمات، وسيكون على الأمين العام مسؤولية إعادة بناء تمثلات وسيكولوجيات جديدة في قواعد الحزب، وقد لاحظنا كيف تحول بنكيران في الشهور الأخير إلى زعيم زاوية من داخل بيته”.
أما النوع الثاني من التحولات، حسب أستاذ القانون الدستوري في جامعة الرباط فهو تنظيمي، ويتمثل “في منع الحزب من حدوث انسحابات واستقالات وإمكانية تفكك العلاقة بين الحزب وجناحه الدعوي”، موردا “أن بنكيران ضيّع فرصة التفاوض داخل الحزب لإنشاء هيئة حكماء تستوعب كل القيادات التي ينتهي مسارها السياسي والتنظيمي”.
وبخصوص النوع الثالث من هذه التحولات، يقول اسليمي، فهو “سياسي ويقوم على نوعين من الملاحظات، الأولى أن الحزب الآن خضع لعملية جراحية طيلة الشهور السابقة ويحتاج إلى شفاء سريع للعودة إلى المنافسة السياسية والانتخابية بقوة”، مشيرا إلى أن “العدالة والتنمية ما زالت له حاضنة اجتماعية قوية، ولكن صراعه الداخلي الذي حصل مؤخرا يجعله في حاجة إلى إعادة تجميع هذه الحاضنة بقوة، وهو أمر سهل لكون الأحزاب الأخرى ما زالت ضعيفة ولا أعتقد أنها ستكون قادرة على منافسته في الانتخابات التشريعية المقبلة”، يقول أستاذ القانون الدستوري.
وفي هذا الصدد، يرى المتحدث نفسه أن غياب بنكيران سيؤثر في المقابل على حزب الأصالة والمعاصرة، لأن نهاية بنكيران ستدفع العديد من قيادات “البام” إلى النهاية السياسية، لكونه بنى إستراتيجيته على مواجهة “البام” الذي سقط بدوره في الفخ؛ لأنه بنى إستراتيجيته هو الآخر على مواجهة أمين عام المصباح”، معتبرا أن غياب بنكيران سيخلق أثره عند “الجيران” المتمثلين في “البام”، إذ من المتوقع أن يقود هذا الغياب إلى بداية ضعف الحزب المعارض لأن الدور الذي حددته القيادة انتهى بنهاية بنكيران.
متابعة