حصل الانفصاليون في انتخابات كاتالونيا على أغلبية من حيث المقاعد، نظرا للنظام الانتخابي. وللمفارقة، صوتت أكثرية الكاتالونيين من حيث النسبة ضد الانفصال. فيما أكد الاتحاد الأوروبي أن موقفه “لن يتغير” بعد انتخابات كاتالونيا.
أعلنت المفوضية الأوروبية اليوم الجمعة (22 ديسمبر/ كانون الأول 2017) أن الانتخابات التي جرت أمس الخميس في كاتالونيا وفاز فيها الانفصاليون بالأغلبية المطلقة من مقاعد البرلمان الإقليم الإسباني “لن تغيّر” موقف الاتحاد من المسألة الكاتالونية.
وحصلت الأحزاب الانفصالية في إقليم كاتالونيا الإسباني معا على 70 مقعدا من أصل 135، وبوسعها حكم الإقليم إذا شكلت ائتلافا فيما بينها. ووصل مجموع الأصوات التي صبت لصالح التشكيلات المعارضة للانفصال (سيودادانوس والحزب الاشتراكي وكاتالونيا المشتركة والحزب الشعبي) إلى نسبة تفوق 52% من الأصوات، ما يتخطى أداء الانفصاليين. غير أن القانون الانتخابي في كاتالونيا يتضمن نظام ترجيح للأصوات يعطي أفضلية للمناطق الريفية التي يتجذر فيها الانفصاليون، ما منحهم الفوز من حيث عدد المقاعد.
وقال المتحدث باسم المفوضية الأوروبية ألكسندر وينترشتاين إن “موقفنا من مسألة كاتالونيا معروف جيدا ونكرّره باستمرار وعلى جميع المستويات وهو لن يتغيّر. بما أن هذه انتخابات محلية فنحن لن ندلي بأي تعليق”. ويمتنع الاتحاد الأوروبي في العادة عن التعليق على أي نزاع سياسي داخلي في أي من دوله الأعضاء.
ومنذ بدء الأزمة الكاتالونية، أكد الاتحاد الأوروبي دعمه القوي لحكومة مدريد تحت شعار “احترام الدستور الإسباني”. وفي تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، نظم الانفصاليون الحاكمون في الإقليم استفتاء محظورا حول حق تقرير المصير شابته أعمال عنف مارستها الشرطة، وأكدوا الفوز بنسبة 90% لمعسكر “نعم” لكن بمشاركة لم تتجاوز 43%، الأمر الذي أدخل إسبانيا في أسوأ أزمة سياسية منذ عقود.
وأظهرت نتائج فرز 99% من أصوات الناخبين الذين أدلوا بأصواتهم الخميس في الانتخابات المحلية في كاتالونيا أن للأحزاب الانفصالية الثلاثة ما مجموعه 70 مقعدا من أصل 135 مقعدا يتألف منها برلمان الإقليم، أي أكثر بمقعدين من الأغلبية المطلقة، في حين أن لحزب “سيودادانوس” المناهض لاستقلال الإقليم 36 مقعدا.
ولكن حصول الانفصاليين على الأغلبية المطلقة من مقاعد البرلمان لا يعني أنهم حصلوا على الأكثرية المطلقة من أصوات الناخبين، لا بل إنهم لم يحصلوا حتى الأغلبية البسيطة، والسبب في ذلك عائد إلى النظام الانتخابي المتّبع.
وللمفارقة فإن أكثرية الكاتالونيين صوّتت ضد المعسكر الانفصالي، وهو ما حدا بزعيمة حزب سيودادانوس المناهض للانفصال إينيس اريماداس للقول إنه بعد هذه النتيجة “لن يتمكن أحد من التكلم باسم كاتالونيا بأسرها“.
وأعلنت رئيسة حزب “سيودادانوس” المناهض لاستقلال كاتالونيا مساء الخميس أن الكاتالونيين المعارضين للانفصال عن إسبانيا أثبتوا أنهم أكبر عددا، محذرة بأنه لن يكون بوسع الانفصاليين “بعد اليوم التحدث باسم كاتالونيا بكاملها“.
وقالت إيناس أريماداس “هناك أمر ازداد وضوحا (…) وهو أن الغالبية الاجتماعية تؤيد الوحدة مع باقي الإسبان والأوروبيين، ولن يكون بوسع الأحزاب القومية بعد اليوم التحدث باسم كاتالونيا ككل، لأن كاتالونيا هي نحن جميعا“.
ورأى سيودادانوس في نتائج الانتخابات انتصارا له إذ بات الحزب الذي تأسس عام 2006 للتصدي للقوميين ومحاربة الفساد، القوة السياسية الأولى في البرلمان حيث حصل على 37 مقعدا مقابل 25 مقعدا قبل سنتين.
وبخوضها حملة نشطة باسم الكاتالونيين الذين يريدون المجاهرة بتمسكهم بإسبانيا، نجحت إيناس أريماداس في اجتذاب أصوات ناخبين لم يشاركوا حتى الآن في الانتخابات بل حتى بانتزاع أصوات من الحزب الشعبي الذي يتزعمه رئيس الحكومة الإسبانية المحافظ ماريانو راخوي وقد تراجع اكثر في المنطقة التي لا يحظى فيها بشعبية.
وحذرت إيناس اريماداس وهي قانونية عمرها 36 عاما بأن “آلية (الانفصال) لا تمثل المستقبل لجميع الكاتالونيين وسنواصل المعركة، حتى مع ذلك القانون الانتخابي غير العادل الذي يعطي المزيد من المقاعد للذين يحصلون على عدد أقل من الأصوات”. وأكدت أنها أول مرة يتمكن فيها حزب غير قومي من “الفوز بالانتخابات في كاتالونيا“.