في السابق كان تعريف الإدمان يرتبط بشكل كبير بشرب الكحول وتناول المخدرات، الا انه في أيامنا هذه اصبح تعريف الإدمان يشمل في طياته وسائل التواصل الاجتماعي ايضاً، وعلى الرغم من غياب الأضرار الجسدية لهذا النوع من الإدمان، مثلما في حالات إدمان المخدرات والكحول، إلا أن بوسعه التسبب في إصابة مشاعرنا وسلوكنا وعلاقاتنا بأضرار طويلة الأمد. قد يبدو للبعض ان كلمة الإدمان كلمة كبيرة لا يمكنها ان تشمل التصفح على مواقع التواصل الاجتماعي، الا ان الإدمان بتعريفه هو عبارة عن “سلوك مبهج، يمثل السبب الأوحد الذي يدفع صاحبه عبر اليوم، حتى أن كل الأشياء الأخرى تخفت بالمقارنة معه”. وكما في وسائل التواصل الاجتماعي ان المدمن عليها أصبحت حياته ملخصة في مجموعة من الأجهزة والبرامج التي لا ينفك المدمن عنها أن يعكف عليها حتى يغالبه النعاس، إذ أن جميع الأنشطة اليومية باتت ترتبط ارتباطا وثيقًا بالإنترنت وخاصة “فيس بوك”، فمن عملٍ إلى دراسة وترفيه ومشاهدة الأصدقاء وإن كانوا في أقصى العالم إلى أن أخذ الوضع شكلًا آخر، قد أودى به إلى الوقوع في دائرة المرض الاجتماعي. اضرار الإدمان على التواصل الاجتماعي: لوسائل التواصل الاجتماعي تأثيرٌ كبيرٌ على المجتمعات المعاصرة والافراد فيها: أولا- فهي تؤثر بشكل كبير على سلوك الافراد في المجتمع وذلك نتيجة قضاء وقت متزايد على الإنترنت للحصول على نفس التأثير المبهج، مما يعني ان وسائل التواصل الاجتماعي عند هؤلاء الأشخاص النشاط الرئيسي الذي يمارسه الشخص. أيضا يعني ذلك تشتيت انتباه الافراد عن المهام الأخرى، كما يعد التقليل او التوقف عن التفاعل مع وسائل التواصل الاجتماعي امرا خطيراً بالنسبة لهؤلاء حيث تراهم يتعرضون لمشاعر سلبية جراء ذلك، بالإضافة إلى البدء في استخدامها من جديد خلال وقت قصير من التوقف النهائي. ثانياً- ومن الاثار السلبية للإدمان على وسائل التواصل الاجتماعي ايضاً، التأثير على النوم، حيث اثبتت دراسات لمراكز أبحاث متخصصة في هذا المجال ان تراجع ساعات النوم سببه تراجع أوقات “عدم الاتصال” بالإنترنت، وان هذا الامر مرتبط بشكل كبير بالاكتئاب والوحدة كذلك، إذ يمكن أن يكون كلاهما سببًا أو أثرًا لإدمان الشبكات الاجتماعية.
ثالثاً- ويترافق مع هذا الإدمان التعب الجسديّ أو الذهنيّ حيث يظن البعض أنّ الاتصال بالآخرين في أوقات الراحة التي يحتاجها الانسان كي يرتاح هو وسيلة رائعة للّحاق بالآخرين، أو لزيادة شبكة التواصل الاجتماعي في حياتك المهنية، الا أنّ ذلك يؤثّر سلباً في مستويات الطاقة والإنتاجية لديك، ومن هنا فإنّ البقاء حتى وقت متأخّر، أو إجبار نفسك على البقاء مستيقظاً طوال الليل للتواصل الاجتماعي على الانترنت يؤثّر في مزاجك، ويجعلك سريع الغضب. رابعاً- كما يعد انخفاض المستوى الدراسيّ من المشاكل الرئيسية للادمان على التواصل الاجتماعية وذلك لأنّ هناك وقتاً مقتطعاً من الدراسة والتحصيل العلميّ لحساب شبكات التواصل الاجتماعي، وتوزيع الاهتمام بين الدراسة وغيرها. خامساً- كما سجلت بعض الحالات المدمنة على وسائل التواصل الاجتماعي حالات تحريض على قتل الآخرين حيث كان اغلبها بسبب معارضة شخص ما من الناحية الأيدولوجية أو السياسية أو الاقتصادية وغيرها.
حيث أدت فيما بعد الى خلافات ونزاعات بين هؤلاء الأشخاص على أرض الواقع. واتسعت في بعض الاحيان وأدت إلى تهديد وقتل. سادساً- انتشار المعلومات الخاطئة والتأثر بها حيث استغلت بعض الأجهزة الأمنية في العالم كالمخابرات الامريكية والإسرائيلية ادمان الناس لنشر معلومات مغلوطة لنشر التفرقة بين الناس وتشويه صورة الإسلام المحمدي الاصيل.
سابعاً- ازدياد المشاكل العائلية بسبب التأثر الأخلاقي للشباب والاهل في وسائل التواصل الاجتماعي، حيث ترى الاهل غير متابعين لأولادهم على فيسبوك وتويتر حتى على الواتس أب وبسبب عدم المراقبة تحدث علاقات محرّمة بين الفتيان والفتيات عبر الحوارات المباشرة وبالصوت والصورة وتبادل أرقام الهواتف وتحديد المواعد، حتى ترى بعض الأهالي في هذه الأيام مدمنين أكثر من أولادهم حيث أصبح لديهم حساب على شبكات التواصل الاجتماعي، وبالتالي قد يؤدي ذلك إلى محادثات لا ضرورة لها، وقد يتطوّر لأمور تهدّد الحياة الزوجية.
وهذا قد يؤدي الى مشاكل بين الزوجين، وبالتالي قد يفقد بعض الأطفال مستقبلهم بسبب انفصال ذويهم أو خلافهم وشجارهم.
الحل للمدمنين؟! وكي لا نقع في الأمور السابقة يجب علينا جدولة الأمور وترتيبها على النحو الطبيعي تمامًا وهو الاتجاه وسطًا، بحيث يخصص الفرد منا أوقات محددة لاستعمال وسائل التواصل الاجتماعي كما في الوقت نفسه يجب على المرء ان يزيد من ثقافته الدينية والاجتماعية وان نتعلم من اخطائنا كي لا نقع ويقع أولادنا في نفس المرض.
اذا في النتيجة، يجب الاعتراف أنّ وسائل التواصل الاجتماعي، هي منجزات حضارية عظيمة، والإنسان وحده الذي يملك طريقة الاستفادة منها، أو سبل تَوَقي خطرها من عدمه، وهنا لا بدَّ من تظافر الجهود وتكاملها، نصحاً وإرشاداً ومتابع من اجل عدم الوقوع في المحظور، كما انه في الوقت نفسه يجب الاعتراف بان وسائل التواصل الاجتماعي قد غيرت من طبيعة أنواع الإدمان التي يتعرض لها جيل الألفية، حيث حلت هذه الشبكات الاجتماعية محل الكحول والمخدرات كوسيلة للتفاعل الاجتماعي مع الآخرين.