الشيحة زهرة خربوعة في ذمة الله وافاها الأجل بمدينة الرباط يومه الاثنين 25 دجنبر 2017 موافق 7 ربيع الثاني 1439

jamal27 ديسمبر 2017آخر تحديث :
الشيحة زهرة خربوعة في ذمة الله وافاها الأجل بمدينة الرباط يومه الاثنين 25 دجنبر 2017 موافق 7 ربيع الثاني 1439

بقلم الاديب صالح هشام

سطع نجمها في النصف الثاني من القرن الماضي وترددت أغانيها طوال 30 سنة، وكانت تتقن فن العيطة الزعرية وغيرها حسب العارفين لهذا الفن، اشتهرت وذاع صيتها بقبائل زعير وباقي المناطق المغربية. اشتهرت باسم والدتها خربوعة، أما اسمها الحقيقي فهو زهرة. ولدت في أسرة زراعية متواضعة بقبيلة الكناديز المجاورة لزعير.
كانت الشابة زهرة قد بدأت تغني في الدوار محاطة بقريناتها ولا تتردد في أن تخالط بعض شبان الدوار ممن كان يجيد العزف على بعض الآلات الوترية، وكانت مثار إعجاب الجميع في القرية. وفي سنة 1953 وعلى إثر ارتجال المغنية الشابة لأغنية حول حدث نفي المغفور له السلطان محمد الخامس، اعتقلها القائد الدرفوفي، وجرت وساطات لتطويق المشكل فأطلق سراحها، واتخذت قرار مغادرة القبيلة، ومنذ تلك السنة استقرت بقرية الرماني وظلت تتردد على دار القائد المكي بن القائد مصطفى المباركي الزعري بقبيلة الرواشد الزعرية. وكان هذا القائد حريصا على إشراك الشابة ذات الصوت المتميز وبالأخص عندما كان يزوره القائد العربي القادم من خريبكة.
تشكلت فرقة غنائية بدعم من القائد المكي المذكور، وضمت الشيخة خربوعة والشاب صالح عازفا على الكمان الذي لا يزال يمارس المهنة إلى اليوم وهو يستقر بحي التقدم بالرباط. وقبل ذلك كان الشيخ محمد العواك هو أبرز الحرفيين في الغناء الزعري، ولما انتبه إلى الشيخات الجديدات وقد أصبحن يلفتن انتباه عشاق العيطة، سعى إلى استقطابهن لقريته الرماني، ومن ثمة التحقت به خربوعة بعد خمس سنوات قضتها مع الشيخ صالح.
استقرت خربوعة بالرماني، وكان من الوطنيين -والاستعمار كان ما يزال يلقي بظلاله آنذاك- من يجتمع في جلسات خاصة ظاهرها الغناء وعمقها التنسيق في الأمور التنظيمية الخاصة بحزب الاستقلال ومهامه الوطنية. وكم سخرت الشيخة خربوعة لأغراض تنظيمية، وهي تذكر باستمرار أسماء أولئك الوطنيين الذين كانوا يلتقون في ليالي النشاط، من أمثال المرحوم علي بلهاشمي والمرحوم الحاج أحمد الزروالي والمرحوم بوعمر المحفوظي كما تذكر أنهم اعتقلوا يوم اقتيدت بدورها إلى مخافر الدرك قصد الاستنطاق حول ما غنته عن المغفور له محمد الخامس، وهل فعلت ذلك بتحريض من أولئك الوطنيين، لكنها أنكرت أن يكون أحد دفعها إلى ذلك، وإنما هو عطف ومحبة لسلطان البلاد ترجمته إلى غناء شعبي مرتجل منه:
والله مــــــــــــــــــــا نحنــــي * ولا تجـــــــــي ليــــديــــا
ع إلى رجع الخامـس * وجـــاب الـــــــــــحريــــة
الله يرحــم الشهـــــــــــــدا * الشـــــــــــــهيــــد الأول
الزرقطوني لفحــــــــــــــل * اجبد الفــــردي لكحـل
وفي الخاينين تيــــــقتل * الشهــــــــــيد

الثــــانــي
علال بن عبــــــــد اللـه * اللـــي خرج ما ولـــى
وامراتو تتســنى
وما كانت ليلة “لقصارة” تمر حتى جاءت سيارة الدرك الفرنسي لتعتقل الشيخة خربوعة، فقضت شهرا في سجن الرماني، تشتغل وتطحن الرحى… بينما كان زملاؤها وزميلاتها الشيوخ والشيخات يذكرونها في أغانيهم “خربوعة في الحبس/ منها للدص”. بعد أن قضت شهرا في السجن المحلي بالرماني تم نقلها إلى سجن وادي زم حيث قضت به شهرا آخر، ثم نقلت إلى سجن خريبكة لتقضي شهرها الثالث هناك، ومنه إلى سجن ابن أحمد قبل أن تختم مطاف محنتها في سجن اغبيلة بمدينة الدار البيضاء الذي قضت فيه سنة كاملة، ولم تغادر السجن إلا بعد عودة المغفور له الملك محمد الخامس من المنفى والإعلان عن استقلال المغرب. وقد واصلت خربوعة مسيرتها الغنائية في مغرب جديد، كلها حماس وابتهاج وثقة في النفس، ودائما بنفس الصوت الأقرب إلى أصوات الرعاة في الخلاء الفسيح. وكانت خربوعة تقود الفرقة في كل الأعراس والحفلات.
توقفت التجربة الفنية للشيخة زهرة خربوعة، وانخرطت في الصمت وعمرها النسيان، فلم يعد يذكرها إلا بعض الشغوفين بتراث العيطة الزعرية
منقول من صفحة بوعبيد التركي باحث في التاريخ

 

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة