بقلم : أبو نواس
يوما بعد يوم يتأكد جليا أنه هذا الشعب وصل لدرجة الخمج القصوى، و عُبِث بنظام حمايته فاق التصور، حتى بات لا يفرق أين تكمن مصلحته من عدمها، فكيف ننتظر منه أن يقوم بواجبه ويدافع باستماتةٍ عن حقه؟ فمن لا يعرف لا يحق له؟ ومن يحق يجب عليه؟ تأكد مساء الأحد رسميا أن عمال شركة النقل بالعاصمة وما جاورها ، أنهم عازمون على القيام بإضراب عام ، وذلك لأجل المطالبة بتسوية اوضاعهم المادية والمعنوية، و من أجل ينجح هذا الاضراب كان لازم أن يتضامن معهم كل أطياف المجتمع، سائقي سيارة الأجرة و سائقي النقل السري، والمواطن بالدرجة الأولى باعتباره الحلقة الرئيسية في السلسلة ، وهذا حتى تستجيب الإدارة لمطالبهم، وهذا ما يجب أن يكون عليه، حتى يتسنى لهم نيل حقوقهم. لكن للأسف أن الأنانية بات الصفة الأقرب لشخصية المغربي، متشبتا بأفكار ” أنا ومن بعدي الطوفان .” فما إن أُعلِن الإضراب بشكل رسمي على أنه سيكون يوم 15 يناير 2018 ، حتى ليلتها سارع المواطن أولا الى الاتصال بسائقي النقل السري ليلا مؤكدا عليه بالاحتفاظ له بتذكرةٍ في الصباح، و الغريب في امر أن رجال السلامة الطرقية من درك وشرطة تختفي من الساحة في مثل هذا الوضع، بل أحيانا تصبح سمسارا في كل المدارات لسائقي النقل السري، بعدما كانت فيما سبق تحرر محاضر 700 درهم للراكب مع الخطاف، وهذه كلها وسائل تنتهج لتحول دون تحقيق الإضراب أهدافه، ويعود العاملين الى نفس العمل بنفس الشروط المنعدمة فيها أبسط شروط العمل سلامةً وحمايةً، وهنا تتحقق المعادلة ، شروطُ عملٍ سيئةٍ تقابلها جودةُ عملٍ سيئةٍ ، حيث الغش و التخادل والتهاون في إنجاز الواجب وما جاورها من مراوغات كانتقام من اللامبالات التي لاقوها من قبل الادارة، فكان سببه الأول و الأخير المواطن الذي هرع مهرولا يوم الإضراب ليمتطي سيارة النقل السري ، عوض التضامن مع الحركة الاحتجاجية لعمال الشركة التي باتت فقط تحمل غير الاسم، فغذا ليس من حقه التباكي على سوء الخدمة فهو من انتج باحترافية مسلسلها الدرامي.
للاسف هذه الحادثة ما هي الا نموذج يسري في جميع المجالات و على كل المستويات، فهناك من يعمل ليلا نهارا لئلا ينحج أي إضراب عام ، لاعتبار أن ظاهرة الإضرابات والوقفات الاحتجاجات هي ظاهرة صحية في المجتمع، تعلن أنه مجتمع منظم و قوي و محصن وبالتالي فهو منيعا عن اختراق الفيروسات الدخيلة و المدمرة ، بينما المجتمع الذي يعرف اختراقات ممنهجة للحركات الاحتجاجيةالتصحيحية لا الفوضوية هو المجتمع مهزوز الداخل ، و منخور الجوف ، وهو ايضا عرضة لأبسط الاجسام الغريبة التي من شأنها تدميره بسهولة.