ابونواس راضي
يبدو أن الاتحاد الافريقي نسي خلافاته، واستفاق على انغام الائتلاف والتلاحم، و غيّر نظرة كل أطرافه و وحّد صفوفه، نازعا أغشية قوى الاستعمار التي حجبت شمس النماء و التطور عنه ، وفرّقت قوته، وأنهكت كاهله، و بذّرت اقتصادياته و ثروته، وجعلت من شعوبه الفقيرة سوقا استهلاكيا لا غير، فهل هذه هي الانطلاقة الحقيقية لهذا التكتل ؟ ومن عبّد جسور التواصل بين أطرافه؟
لم تمر سنة واحدة على رجوع المغرب الى كرسيه بالاتحاد الافريقي، حتى بدت بوادر الحسنات على علاقات أطرافه، في شكل اتفاقيات تعاون مثمرة و متنوعة ، ثنائية وجماعية، تهم جل القطاعات الحيوية التي كانت في الأمس القريب تطبعها القطيعة، كانت لم تخرج لحيز الوجود لولا الدور الذي يقوم به المغرب في شخص عاهله، الذي اعتبر شؤون القارة الافريقية من أولوياته، معبرا عن ذلك في أكثر من مرة ، من خلال زياراته وجولاته المراطونية بالدول الافريقية ، فقد ربط شرق القارة بغربها وشمالها بجنوبها، و غينيها بفقيرها، فاتحا بذلك جسور التعاون والتواصل بين مكونات الجسم الافريقي.
فبات العاهل المغربي يلقى ترحيبا منقطع النظير أينما حلّ وارتحل، من قبل قادات الدول الافريقية، وأصبحت عدسات الصحفيين العالمين ترافق صولاته وجولاته، فبات خصوم الوحدة الترابية، يلهثون منكسرون محرجون للاتقاط صور تذكارية معه، بعدما ضاق الخناق عليهم ، فابتوا مقوقعين منعزلين.
لعل لقاء القمة الخامسة بين الاتحاد الافريقي والاتحاد الاروبي المنعقد بحر الأسبوع المنصرم أبيدجان الإڤوارية، أوضح بالملموس المكانة القوية التي بات يحتلها عاهل المغربي في الأوساط الافريقية، فحضوره في المحفل بات يضفي قيمة اضافية للمؤتمر ، و أصبحت خطاباته تتسم بمتابعة و أهمية إقليمية دولية، نظرا لقوتها و إسهاماتها في المقترحات و إيجاد الحلول الناجعة والفعالة لخدمة الإنسان الافريقي.
لقد لخص جلالته رؤية المغرب البعيدة المدى لِما يجب أن تكون عليه إفريقيا وعلاقاتها مع باقي التكتلات الدولية في خطابه الأخير بأبيدجان، حينما وجّه رسالته الى الأصدقاء الأوربيين بتغيير نظرتهم الى علاقاتهم بدول افريقيا ، من علاقات منحصرة في تقديم مساعدات خيرية وفق منظور عمودي الى علاقات شراكة أفقية مبنية على أساس مسؤولية مشتركة، مترابطة المصالح بين الطرفين على حد السواء، فهذه هي افريقيا التي يأملها المغرب في شخص عاهله، افريقيا المنتجةو القوية و المستقرة اقتصاديا واجتماعيا و سياسيا، لا افريقيا الفقيرة المُستهلِكة و المحتاجة لرأفة المجتمع الدولي.