الوشم وحكم الإسلام فيه.

jamal2 أبريل 2021آخر تحديث :
الوشم وحكم الإسلام فيه.

المواطنة المغربية : الطيبي صابر

الوشم شكل من أشكال التعديل الجسدي. يتم بوضع علامة ثابتة على الجسم وذلك بغرز الجلد بالابرة ثم وضع الصبغ عن طريق الفتحات والجروح ، ليبقى داخل الجلد ولا يزول.
إنه نوعٌ من أنواع الجِراحة البسيطة. والوشم عُرف منذ القدم ، إذ كانت تقوم به النّساء كنوع من الزينة، إلى جانب الكحل والحناء وغيرهما من أشكال التزين المؤقت. واستحدث مؤخرا نوعٌ مؤقّت يتمّ نقشه عن طريق الرّسم بموادٍ غير دائمة، أو عن طريق ملصقاتٍ معيّنة توضع على الجسم، وتُزال بعد فترةٍ معيّنة.
والمعروف أن ظاهرة الوشم كانت منتشرة في المغرب ولم تسلم منها منطقة من مناطقه . أما المنطقة التي تعرف الوشم بشكل كبير فهي ، على ما أعتقد ، زمور وزيان بين النساء على الخصوص حيث كانت المرأة تشم بين عينيها ولحيتها ، وقد تشم مناطق أخرى من جسدها. أما الرجل فكان يشم على يديه في الغالب. وعندما انتشر الوعي الديني وتبين أن الوشم حرام في الإسلام حاول العديد منهم إزالته رغم الصعوبات والآلام التي ترافق تلك العملية. وها نحن اليوم نلاحظ عودة هذه الظاهرة بين الشباب ذكورا وإناثا وبشكل فظيع على الجسد كله. فهل يعود ذلك إلى ضعف الوازع الديني لديهم؟ !.
نستعرض حكم الوشم في الإسلام ، قال الله تعالى على لسان الشيطان: (وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ ۚ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا) . وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (لعَنَ اللهُ الواشماتِ والمُستوشِماتِ، والنّامصاتِ والمُتنمِّصاتِ، والمُتفلِّجاتِ للحُسْنِ المُغيِِّراتِ خلقَ الله)ِ. قيلَ: فبلغَ ذلكَ امرأةً من بني أسدٍ يُقال لها: أمُّ يعقوبَ، وكانت تقرأُ القرآنَ، فأتَتْ صحابيا ردد الحديث ، فقالت: ما حديثٌ بلغَني عنكَ؛ أنّك لعنْتَ الواشماتِ والمُستوشِماتِ، والمُتنمِّصاتِ، والمُتفلِّجاتِ للحُسْنِ المُغيِِّراتِ خلقَ اللهِ، فقال : وما لي لا ألعنُ من لعنَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وهو في كتابِ اللهِ؟ فقالت المرأةُ: لقدقرأتُ ما بين الوحَي المُصحَفِ فما وجدتُه، فقال: لئِن كنتِ قرأتهِ لقد وجدتهِ، قالَ اللهُ عزَّ وجلَّ: (وَمَا أَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوْا)، فقالت المرأةُ : فإنِّي أرى شيئاً من هذا على امرأتكَ الآنَ، قال: اذهبي فانظُري، قالَ: فدخلَت على زوجته فلم ترَ شيئاً، فجاءت إليه فقالت: ما رأيْتُ شيئًا، فقال: أمّا لو كان ذلك، لم نُجامِعها.).
لقد اتفق أصحاب المذاهب على تحريم الوشم في أي جزء من أجزاء البدن ﻷنه لا يتوافق مع الفطرة السليمة التي جاءت الشريعة الإسلامية لرعايتها، وأما فقهاء المالكية فأجازوا حالات منه فأنزلوه منزلة الضرورة التي تقدر بقدرها، كأن يكون وسيلةً مُتعيِِّنةً لعلاج مرضٍ والتّداوي منه، فيجوز عندئذٍ ؛ لأنَ الضّرورات تُبيح المَحظورات كما تنصُّ القاعدة الفقهيَّة على ذلك ، أو أن يكون طريقةً تتزيَّن بها بعض الزوجات لأزواجهن بإذنهم.
وهكذا حرم الدين الإسلامي الوشم بأي شكل من الأشكال. وكان حكمه واضحا سواء أكان صاحبه ذكراً أم أنثى ، خصوصا الوشم الدائم ، أما المؤقّت باستخدام الرّسم أو الملصقات للزّينة فذلك لا بأس به لكن بشروط. إن الأسباب في تحريم الوشم كثيرة ومنها : أنه تغيير لخلق الله تعالى، ويسبب الأمراض المتعدّدة ، ويؤلم صاحبه أثناء وضعه ، وإزالته صعبة ، لا تتم إلا بإجراء العمليّات الجراحيّة، وهي أيضا مؤلمة جدّاً. والأماكن التي تتمّ فيها عمليّات الوشم غالبا ما تكون مُفتقرةٌ لشروط النَّظافة والرّعاية الصِّحيَّة، واستخدام الألوان الصباغية ملوّثة ومسبِّبة للأمراض السرطانيّة، وتصيب بأنواعٍ من البكتيريا…كما أن منظر الوشم غير سارٍّ للنّاظر، وخاصّةً عند نقش ووشم جميع البدن برسوماتٍ تتنافى مع السّلوك والفطرة السّليمة.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة